الاتزان:

سؤال مطروح منذ القدم ضمن حقيقة فلسفة المعابد قبلها الفكر التوحيدي الإبراهيمي, ثم جاءت الفلسفة اليونانية لتعبر عن رأيها ضمن حقيقة بنيت أساسا على مقتبسات من أفكار الموحدين وفلسفة المعابد لدى الشرقيين.

         ولكن من مرحلة فكرية متقدمة جاءت الآراء المعاصرة لتضع حقيقة الاتزان ضمن المعايير والمقاييس المرتبطة بوحدة الاتزان المرتبطة بدينامكية الحركية لمحور الوجد الكلي أي المحرك الأول و الإرادة المطلقة فلا دالة مكانية تشغل حيز من الفراغ لا تملك  الماكنة الحركية وإلا اعتبرت مسيرة أو أنها ماكنة على ذمة التدمير بحكم الاستقطاب لإلية حكم الاتزان الكلي لجوهر الوجود وان الاستدلال المنطقي لإلية الوجود الكلي من الناحية العقلية محال إلا بما تملية حقائق التجريد الصوري و الآيات القرآنية المسندة و التي عبر عنها القرآن الكريم في كتابه الحكيم وهي بمثابة الدليل القطعي على حقيقة مبنية ضمن التقديرات الإلهية وهي بمثابة الروح الاتزان المسيطرة ضمن قياسات ثابتة خارجة عن الإرادة الكونية و بقوله تعالى (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض قي ستة أيام ثم استوي على العرش يُغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) فلا دليل تجربي عملي قطعي كونه يخرج عن قدرة الحواس والاستدلال اليقيني بحكم الإعجاز الرباني.

 إن تلك الآية توضح حقيقة رادعة وواضحة لعملية الاتزان الرباني ,فالإنسان رغم تشبثه على آراءه و أراء البشر لم يكن لديه القدرة على في الإقناع على حقيقة الاتزان , فالإنسان بطبيعة تأمله الفكرية لا يخرج عن ميزة التعلم وبقوله تعالى ( علم الإنسان ما لم يعلم).

       وهي حقيقة ثابتة فنلاحظ صفة الاتزان وأفكار التضليل في فلسفة المعابد واليونانيين القدامى نجد أن الآراء التي بنية على حقيقة (اللوغرس) أو القانون المركزي تمثل حقيقة قد تكون شبيهة بالاقتباس الفكري لحقيقة التوحيد عند الإبراهيميين والأنبياء وحقيقة الهيولى أو المادة الأساسية هي بمثابة اقتباس للفكر التوحيدي وحقيقة الاتزان من البعثرة إلى نظام لا يمكن أن تتم إلا بالاستقطاب فنجد الإنسان ينظر إلى الضلالة قبل الهدى والعمى قبل البصيرة ليعيش في رحبة الضياع مبتعداً عن الحقيقة إلى هلوسة الشيطان ليجد نفسه في مزبلة التاريخ بحكم المكابرة الفارغة وهكذا نجد الضياع    

       ولنتكلم عن حقيقة الاتزان ضمن معيارية البعثرة التي تعتبر الركن الأساسي للتضاد والاتزان وشمولا إلى معيارية جوهر الوجود الكلي في الحركة و الاتزان ضمن البديهيات التي تمثله بحقائق الفكر (المهندس الأول )   ناهيك عن المفهوم المادي الذي لا يركز إلا عن المنفعة المطلقة باحثاً عن الجدل الذي لا يستند إلى حقيقة ٍفالاستقطاب في إلية    لا يتم إلا بوجود المحرك الأول الذي له الدور الكبير بعملية الاستقرار ألايوني والشحنات الموجبة والسالبة وهذه الحركة لا تتم إلا ضمن اللاقرار بوجود مبرمج لهذه الحركة   كما وان حاجز النفادية لا يتم إلا ضمن معايير مرتبطة بالاتزان لديمومة الوجود وهي حلقة مرتبطة بأخرى واستغفر الله في رأيي إن اشك في قدرة الله لذا فان تدمير الكون يتم بأمر بسيط جدا أي زيادة أو نقصان حركة المحور الأول للوجود الكلي وهي قدرة الباري عزة وجل.

       وكل ما هو مرتبط بالاتزان مرتبط بجوهر الوجود الكلي من الذرة من حيث مدارها ومكوناتها وروابطها والزمان من حيث البداية والنهاية والعدم وغيرها ضمن مراحل الديناميكية الحركية كلها تستند إلى المعايير الذي رسمها جوهر الوجود   للاتزان حتى المعايير المرتبطة بالحواس فهي في حقيقتها تعتمد في آليتها على أسس ثابتة خاصة بكل ميزة منها . فالبصر يعتمد على الخلايا الضوئية وهي شبيهة بما يسمى السنسرات الضوئية التي تقوم بتقطيع الإشارة الضوئية وتحويلها إلى إشارات كهربائية حيث الدماغ يقوم بتمييزها كذلك الألوان وهي أيضا إشارات تعتمد على بالأساس على عملية الاستقطاب الضوئي وهي مقاييس ثابتة معروفة في الاتزان (والعلوم الطبيعية) .

       وكذلك الأمواج  الضوئية , والبعد والقرب وتحديد الإلية للعدسة والقرنية وهي شبيهة إلى حد ما بالية الكامرة وأجهزة المراقبة المرئية.

        أما السمع فيعمل على التخلخل ألموجي في توليد الإشارة إلى الدماغ وهي عملية شبيهة بسماعة الهاتف  وغيرها أما التذوق والشم فهي عملية كيماوية ناتجة أيضا عن توليد إشارات إلى الدماغ عن طريق اللسان والأنف , وكذلك اللمس هو مجرد تحسس إلي لا إرادي يعتمد على الإدراك وقوة التركيز وان تلك الحقائق الإلية الثانية وهي متشابهة من ناحية الجوهر ولكنها تكشف الغفلة لدى الإنسان عن جدوى وجوده   

      ولذلك تعتبر الحواس بأنها قيمة روحية إليتها مرتبطة بروح الاتزان وبقوله تعالى(وليعلم الذين أوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وان الله لهد الذين امنوا إلى صراط مستقيم). 

النموذج الإنسان:

 بقوله تعالى(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) تلك الآية الشريفة اختصها دستور الكون التطبيقي للقرآن باعتباره مصغر للوجود وبقوله تعالى(أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه ولم يكن شيئا) دليل قطعي على قدم الوجود الكوني وبما إن الإنسان يحكم اتزانه المادي وتشبيهه من ناحية التكوين لجوهر الوجود بحكم الدليل  الصوري والمادي والإعجاز للقرآن وحقيقة التحدي للقرآن بقوله تعالى(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).

         تلك الآية الشريفة تضع النقاط على الحروف على دقة القرآن من ناحية الاتزان التكويني  من ناحية البحث من الحقيقة والاتزان وهو الأصلح والأعم من البعثرة لان البعثرة لا تستمد إلى الحقيقة من ناحية الجوهر لكونها لا تمتلك مكان معين ومن خلال   يتولد لدى الدالة مسار الذي من خلاله يتولد الزمن باعتبار إن الزمن هو بمثابة محور المسار الكلي للدالة منذ وجودها إلى فنائها و بقوله تعالى(وما نؤخره إلا لأجل معدود).

     وبحكم العلوم التطبيقية كل ما هو موجود يفقد إليه زمنه لينتهي إلى العدم وهي دالة بدون مسار اتزان للتحول إلى طاقة أخرى أي من شيء إلى أخر بدليل عدم فناء جوهر المادة وهذه الحكمة الإلهية بحكم الأزلية أي أزلية الروح وفناء الجسد بقوله تعالى(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)   وبقوله تعالى  (لكل اجل كتاب) كل هذا سمة على المفهوم المرتبط بحكم دستور الكون التطبيقي للقرآن ولنتكلم عن المفهوم الطبيعي و الفيزياوي لكونية الإنسان الذي يعتبر الكائن الكوني التطبيقي الذي يمتلك جميع المكونات الأساسية للوجود من ناحية التكوين والطاقة إلا انه مصغر كما جاء بالآية الشريفة (لخلق السماوات والأرض اكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

     إلا انه شبه بالوجود لكونه على أحسن تقويم ولنتكلم عن مركز ثقل الإنسان ( الصرة ) التي  تعتبر الركن الأساسي لعملية السيطرة على جميع محور الدالات لمكونات الإنسان  والذي يعتبر الجزء المسيطر على جميع القوى الكونية الكامنة داخل جوهر الإنسان باعتبارها نقطة الأصل والتي من خلالها يتم التحكم بالفعاليات داخل كونية الإنسان ولذا فان الإنسان يكون في حالة عدم الاتزان في حالة حدوث أي إرباك فيها كما وان الإرادة العقلية التكوينية تنقسم إلى قسمين القسم العلوي الإلهي والمتمثل بالقسم الذي يمثل القلب والعقل والقسم السفلي الكوني الذي يمثل الإرادة البشرية للإنسان بحكم ديمومته وغريزته فالعقل يقسم إلى إدراكي واللاوعي كما يمتلك في قلبه حكم التضاد للاوعية الدموية للفاسد والتكوين أما الجزء السفلي المتمثل نهاية الإطراف العلوية أو السفلية والأجهزة التناسلية الذكرية والأنثوية كلها تقع ضمن الإرادة الكونية وهي بمثابة دليل قطعي على ذمة الاختيار وبقوله تعالى(ليبلونكم أيكم أحسن عملا) .

      وهذه تمثله في إرادته الجوهرية , ولذا فان الإنسان يعتبر كائن نموذجي في الكون كما يمثل هيكلية مصغرة لكل الأفعال الإرادية واللاإرادية  لكل الوجود ومن ضمنها السلوك والتصرف لدى جميع المخلوقات كما في قوله تعالى(وصوركم فأحسن صوركم) كما انه مخلوق من إبداعات التكوين حتى الذرة التي هي تمثل اصغر المكونات التكوينية كونها تعطي نموذج على هندسة الوجود من ناحية التكوين من حيث النواة والأواصر والبروتون والإلكترون والنيترون كلها تمتلك مدارات أي محاور لرسم حقيقة الوجود ثم تأتي الآية لتقول حقيقة خلق الإنسان الإبداعية بقوله( إنا خلقنا الإنسان من نطفةٍ أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً) فالذرة والإنسان والأرض والمجرات والكون والوجود كلها تمثل حقيقة واحدة وهي بمثابة الدليل القطعي على وحدانية الله (عز وجل) ليرسم لنا حقيقة الوجود فكل التصورات والآراء  التي رسمها الإنسان جاءت ضمن مبدأ المتاهة فكل ما هو موجود يدل على حقيقة الوجود وهو جوهر الوجود المتمثل بالصليب الإلهي واتزانه أي مركز ثقله هو بمثابة نقطة الأصل لجوهر الوجود الكلي وسمية بالصليب كونه يمثل  صلب الموضوع وان محور تحت العرش في حالة امتداد إما فوق العرش أي الصمد ثابت .فالحقيقة معروفة منذ أن دب الإنسان على الأرض ليعرفها منذ بداية التدوين عند إبراهيم الخليل(ع) أبو التوحيد الذي رسم الحقيقة وما جاء به الأنبياء من بعده لتكون الحقيقة فيما حملوه  وحمله سليمان (ع) على عرش لرسم الحقيقة التي تمثلت بالهيكل وهي بمثابة الركن الأساسي لصياغة الجوهر وكما جاء به داوود لرسم النجمة وما جاء به عيسى بصليبه المحمول على العصا وما جاء به محمد (ص) في القرآن ليقول الحقيقة إلا أن الضلالة والأباطيل وخاصة ما جاءت بها الهلوسة الوضعية   في بداية نشأتها والمعابد التي كانت بمثابة الركن الأساسي لبعثرة الحقيقة وما جاءت به المعايير الوجودية والماركسية والبراجماتية المعاصرة, لترسل الحقيقة إلى المزابل وواجهة للمصالح الإلحادية العقيمة ولمحاربة أصحاب المنهج العقلي وجعلهم في مراتب الدول الفقيرة والنامية بعد أن كشفوا لهم إبعادهم ومصالحيهم  الاستعمارية وهكذا نرسم لحقيقة الإنسان دوراً أساسيا في جعله نموذج كونه خليفة في الأرض ويستمد قدرة من تحفيز إليته .

    فالإنسان ينمو إدراكه بحكم إرادته وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتاً ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خساراً.